الاثنين، 18 مارس 2013

الطريق قبل الرفيق


الطريق قبل الرفيق

  
الثابت والطبيعى والمألوف أن الرفيق قبل الطريق، إذ لو كان هذا الرفيق مناكفا كناشط سياسى محدث لأفسدت على نفسى الرحلة، ولو كان شخصية متحجرة خاصمت المرونة لفضلت الصمت لآخر مدى، ولو كان إنسانا صموتا كتوما لا يتكلم ولا يعبر ولا يشكو ولا يصرخ ولا يبكى لعشت أكبر عقوبة، ذلك أنه من شروط رفقة الطريق تجاذب الحديث بلين والاختلاف والاتفاق بحرارة وحضارة، دون أن يمسك أحدنا للآخر سكينا يذبح به المودة ويجرح المشاعر ويهدم الجسور بيننا، ساعتها سوف أنسحب من الحديث لا هربا ولكن احتراما لدستور الحوار.

وكان أن ترددت عبارة على ألسنة المصريين تقطر قلقا وهى «إحنا رايحين على فين؟» من هنا كان الطريق قبل الرفيق، من هنا أهمية محطة مصر الأخيرة فى قطار الثورة. وأدرك بقناعة لا تحتمل التأويل أن الحياة تتطور وتتجدد كالخلايا، وقيمة الثورة فى حتميتها، ولكن «مكلمة» الفضائيات تصم الآذان وتحجب الشمس.

مهموم بمحطة اقتصاد هذا الوطن ومتى نصل إليها. مهموم بعودة الناس للحياة الطبيعية والرزق الحلال، وشىء من العدالة للمهمشين الذين تعنى لهم الثورة حياة أفضل وكرامة بلا ذل.

مهموم بالطريق أكثر من الرفيق. وأعلم أن الوطنية قد تصاب بأمراض التوتر والسباب، لكن السباب زاد وفاض حتى كدت أخشى على هيبة الرئيس القادم من الإهانة والتطاول. ولو طالت ألسنة السباب كل شىء، فماذا يتبقى لنا؟ إن الإنسان- عند علماء النفس- كائن انفعالى وشحنة انفعالات هى التى توجه سلوكياته، ويتفاوت عند الناس أسلوب استهلاكها. «رايحين على فين؟» قلق أى مصرى مخلص وأن اعتقدت أن عامة الناس مخلصون لأنفسهم أكثر من الحقيقة. وما أسخف الحياة إذا تصورنا أن لا صواب إلا ما نعتقده، تلك آفة بعض الثوار والنشطاء ونواب البرلمان والمدعين بالحق المدنى، فكل المسامع مغلقة ولا تسمح بمرور رأى مخالف!

الثورة الحقة ثورة على الركاكة فى اللفظ والانحطاط فى السلوك، من الممكن أن يحرض التشاؤم على التفكير ولكن ليس إلى العنف لفظا وبدنا. والصمت على أحكام ماسبيرو وإمبابة والقديسين قاد إلى مخطط احترافى لعب فى مباراة استاد بورسعيد وكسب 74 قتيلاً، دخلوا شبكة الموت، وترك «حارس المرمى» مكانه، حتى النخب «تتراشق» بالمنطق وبالنظريات تحت قبة البرلمان وفى الندوات العامة والمرئية، ولا تجيب الثرثرة الممنطقة عن سؤال عن الطريق. فهل قطعه محتجون؟

إننى أحلم برفقاء طريق تشير لافتاتهم إلى «آن الأوان لتعليم غير زمان»، و«يا قلاع الصناعة كفانا صياعة»، و«واحد اتنين تلاتة.. السياحة جاية بالتلاتة» هذه اللافتات بتظاهرة سلمية لا تحتاج لحناجر قوية وستعطى إحساسا إيجابيا بأن الثورة تنحو منحى آخر، منحى بناء، ولن يجد «شياطين الشر» فرصة للاندساس أو الالتحام بالثوار، نعم، الطريق قبل الرفيق، الطريق الذى تفوح منه رائحة الأمان، الطريق الذى يمحو الغضب على الثورة والثوار، الطريق الذى يجمع شرفاء مصر وطاقاتها الخلاقة ومهنييها المحترمين وكفاءاتها النادرة وعمالها المهرة فى مركب واحد يرسو على بر ازدهار.

أحلم برفقاء طريق يتفقون على قناعة بأننا- كمصريين- تعبنا ونحتاج لفترة التقاط للأنفاس، وأن العصيان المدنى فى مصر هو «شلل» تصاب به مصر فى عز شبابها، ربما كان وسيلة ولن يكون غاية، ولا أتمنى مطلقا أن تسقط «الأيدى الكادحة» سهوا، وهى المشتاقة لمطالبها الحياتية اليومية. الرحلة- حقاً- شاقة، والطريق ملغم ومن هو الرئيس الذى يرضى الشارع ويحل مشاكل 87 مليون مصرى بعدد سكان المحروسة؟ ولماذا «عصيان مدنى» والبلد فى حالة «عصيان مدنى» منذ شهور وغير معلن. رغم ثورة جاءت لتبشر بقيم جديدة تضىء جنبات مجتمع وتقف ضد «العصيان المدنى».

0 التعليقات:

إرسال تعليق

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites