الاثنين، 4 مارس 2013

مفيد فوزى : اضربوه بكرباج سودانى


مفيد فوزى : اضربوه بكرباج سودانى




قولوا العِبر فى زمن مبارك وانتقدوه بغليظ القول ولديكم قاموس شتائم ما شاء الله، قولوا ما شئتم واضربوه بكرباج سودانى، ولكن كان هناك «رئيس» و«مؤسسات» و«أمن». ربما لم يكن الرئيس السابق خطيباً مفوها ولكنه كان رئيساً وله أخطاء ولم نعرفه فى ميزان التقييم مرتبكاً أو متردداً أو «كلمته تنزل الأرض» بشخطة. كان يحترم القانون ويوم ذهب للدستورية فى أحد احتفالاتها انحنى- وهو الرئيس- بحركة عفوية صادرة عن إجلال لقضاة الدستورية، ولم نشهد فى زمانه هذا العبث الصبيانى بالقانون وبالقضاة وبمنصب النائب العام. لم نسمع فى زمانه عن دستور تفصيل ولا نائب عام تفصيل ولا إعلان طوارئ تفصيل ولا مجلس شورى يسن القوانين! قولوا العبر فى زمان مبارك وانتقدوه وأهيلوا عليه التراب والغوا كل مؤسسة أو مبنى يحمل اسمه بما فيها محطة مترو واضربوا زمنه بكرباج سودانى، ولكن الطمأنية تسرى فى الطرقات والبلد مستقر والأطفال ينامون نوماً عميقاً والسياح يخرجون إلى الشواطئ فى عز الليل تحرسهم- وهم ضيوف مصر- عناية الله وأمن حقيقى بقيضة فولاذية لا تسمح بأى خلل أو انحراف أو تطاول أو تجاوز، وكان للشرطة هيبتها قبل ان**ارها وتبديل وزرائها كأوراق الكوتشينة قبل الهجوم المسلح على الفنادق وسرقة محتوياتها فجراً وترويع السياح وإعلان وفاة السياحة وتشييع جثتها إلى مقابر الغفير قولوا ما شئتم عن زمان مبارك واضربوا هذا الزمان بكرباج سودانى ولكن وزراء ذلك الزمن كانوا كفاءات عالية مشهوداً لها من العالم وموثقة هذه الشهادات. كان الوزير صاحب رؤية وإن تعثروا فى حفرة ردموها قبل أن تستفحل وتكبر. كان الوزير «ملو هدومه» كانت المجالس القومية المتخصصة تضم خيرة عقول مصر. كانوا نهراً من المعرفة. كان الوزراء «الفلول» إضافة للحكم مهما «اتكعبلوا»، ودخل السجن أكثر من وزير لسبب أو آخر ولكننا لم نر المسجلين خطراً فى الشوارع، أخرجهم من الزنازين شياطين من الإنس وليس الجن. كان منصب الوزير أعلى منصب تنفيذى قبل أن يصبح «ذُنبة» ويهرب منه أى صاحب كرامة. وصارت المناصب موزعة على هواة، يكبر المقام مع طول اللحية. كان وزراء زمان «المخلوع» كما يحلو لبعض الناس أن يطلقوا عليه وزراء من العيار الثقيل.


قولوا العبر فى زمان مبارك وانتقدوه إلى الدجى ولا يمكن إنكار أنه كان رئيساً لشعب وليس لعشيرة أو قبيلة لا يملك أحد أن يتكلم سواه لم يكن له مرشد ولا مستشارون بلا خبرات متراكمة يختارون توقيت الكلام للناس لا يملك إعلان طوارئ فى مدن قرن عيون المصريين ولا يتراجع عن قراراته لكنه كان رئيساً وطياراً له دوره فى الحرب ولو شرهتموه فربما طول الحكم قد أفقده أهم صفاته وهى العدالة التى اتسمت بها سنوات حكمه العشر الأولى وتحولت العدالة إلى «عناد» أسود دفعنا ثمنه غالياً، ومازلنا ندفع من أرواح شبابنا ومآتم أمهاتنا. صار عناده فى متحف التاريخ وبعده عرفنا «التفريط». قولوا العبر فى زمان مبارك وانتقدوه ولوثوا سيرته ومرجحوه بين طرة والمستشفى واضربوا زمنه بكرباج سودانى لكن كان فى مصر «احتياطى» له غطاء من الذهب فى البنك المركزى، تدهور وتدحرج أيام الاستجابة الفورية للمطالب الفئوية، وكان فى مصر صحافة شجاعة وليست فقط على مقاس مبارك، كانت هناك شاشات مصرية مضيئة بنجوم من مصر قبل أن يفلس التليفزيون ويتأخون وتنعدم الكفاءات وتذهب الإعلانات إلى شاشات تشحت كان فى مصر سكينة عند الأقباط وإيمان أن عدالة السماء لن تسكت. الآن صار «الأمان» قبل «الخبز» الآن انقسمنا مائة حتة وحتة.

قولوا ما شئتم فى زمان مبارك واضربوا هذا الزمن بكرباج سودانى لكن- فى زمنه- كان للموت ذلك الجلال يا إخوان. فى زمنه كان للأزهر الشريف وشيخه تلك المكانة الغالية يا إخوان. فى زمنه كان نجيب محفوظ «حلال» وأم كلثوم «حلال» ونجاة الصغيرة «حلال» وسعاد حسنى «حلال» ووائل جمعة «حلال» ونيللى «حلال» و.. وليس ما قلت يعبر عن «الفلول» بل هو رأيك أنت ورأيه هو ورأيها هى، وأسأل روحك من يستحق فى هذا الكون الفسيح الكرباج السودانى؟

0 التعليقات:

إرسال تعليق

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites