.jpg)
أشتاق لشارع هادئ آمن أسير فيه وقت أن أشاء.. أشتاق لأيام تحمل بعض الآمال.. أشتاق لوجوه مُطلة بالفرحة والثقة فى المستقبل حتى فى سنوات الهزيمة، وحكام ورموز تنتمى لوطن أعرفه وأعشقه، حتى لو اختلفت معه.. أشتاق لذكريات الأيام البعيدة فى شارع شبرا عندما كانت تحف بجانبيه الأشجار وتتعدد فيه دور السينما.. أشتاق لرؤية مدرستى الابتدائية والإعدادية والثانوية وركوب التروماى ومقلة اللب ومحل العصير فى الطريق إلى المدرسة.. أشتاق للأتوبيس المزدحم فى طريقه إلى الجامعة.. وعربة البطاطا الساخنة فى أيام الشتاء الممطرة.. أشتاق لصورة الأصدقاء والصحبة والزملاء جيران المنزل والشارع.. كورنيش النيل ونسماته العليلة.. صوت أم كلثوم وهى تغرد «شمس الأصيل».. أشتاق لفرحة الأعياد والانطلاق إلى الحدائق والقناطر ومركب فى النيل.. أشتاق إلى التليفزيون القديم الأبيض والأسود بقنواته الثلاث فقط.. أشتاق لحوار مهذب راقٍ.. خلوق.. أشتاق لوجوه بشوشة هادئة مطمئنة.. إلى جريدة قديمة لا تحمل أخبار القتل والخطف والتعذيب والسحل والاغتصاب وقائمة الاغتيالات.. أشتاق لمشاهدة مسرحية ولسماع أغنية ولرؤية لوحة ولإلقاء قصيدة.. أشتاق لآثار مصر دون أن أرى حريقة فى معبد أو منازل شيدت فوق هرم قديم أو جموع من اللصوص تحفر كل شبر على امتداد النيل وتعبث بما فيه.. أشتاق لرؤية سائح فى شارع خان الخليلى.. أشتاق لشوارع نظيفة بلا قمامة.. وميادين جميلة بلا أحجار أو نيران أو حواجز أسمنتية مشوهة وقبيحة.. أشتاق لشباب لا تصيبه طلقات الخرطوش ولا تخترق رأسه طلقات قاتلة.. أشتاق لدعاة ينطقون بالتهذيب والاحترام.. وجوههم تحمل السكينة إلى النفس.. أشتاق ليوم بلا سواد وساعات قليلة تحمل بصيصاً من أمل قادم.. أشتاق لأخبار مفرحة.. أو حتى أخبار معتادة.. أشتاق إلى وطن قوى لا يسقط تحت أحذية الأمريكان واليهود والأقزام.. أشتاق لإحساس بلا قهر ليوم قادم يستحق أن نراه ونعيشه.. أشتاق لصباح يستحق جدوى اليقظة.. أشتاق لفرحة حقيقية لضحكة صادقة أشتاق إليكِ يا مصر من بين أحزان وطأة الانهيار والخوف والسقوط وأخشى ضياع ما تبقى من العمر قبل أن ألقاك..
0 التعليقات:
إرسال تعليق